الثلاثاء، 19 أغسطس 2008

مدرسة العظماء

رغم أنَّ الشمس الحارقة قد تربعت في كبد السماء
وتوحدت مع مشاعر القلق والخوف والترقّب التي حوتها قلوبهنّ ..
فبلغ منهنّ الحرّ والتعب وشدّة العطش ما بلغ إلا أنهنّ بقين واقفات ينتظرن الفوارس بصمت وسكينة
إذا نظرتَ إليهن .. شعرت بأنك تنظر إلى جبال راسيات ولسمعت وشوشة كصوت النسيم حين يصافح أوراق الشجر ..
فيملأ الكون جمالاً وسكينة ، فواحدة تكبّر .. وأخرى تسترجع .. وثالثة تحيي في القلوب أملاً بلقاء العائدين المجاهدين أو بظفر بألقاب الشهادة تزيّن تاريخ أقاربهنّ الذين سبقوهنّ إلى الجنّة وكانت هي بينهنّ .. تعلو وجهها ملامح القلق والرجاء .. تروح وتجيء فوق الرمال الجافّة لا تلوي على شيء ..
تحاول حبس دموع الخوف .. وتدفع القلق بذكر حكيم تردده هامسة .. فيسبغ الرحمن على قلبها حلّة من السكينة والطمأنينة فتهدأ روحها وتزداد يقيناً بالله وإيماناً ولا يمض وقتٌ طويل ..
حتى يتوالى الركبان عبوراً أمامها ... وترقب مشاهد لقاء فتدمع منها العين ..
هذه جارتي قد عاد زوجها وأسعدها الله بلقياه وتلك رفيقة روحي تحمد الله على شهادة ظفر بها أبوها .. رحمه الله !
رحم الله شهداء المسلمين متى تأتيني أخبار تهدئ لوعة قلبي لكم الله يا أهل أحد ، لكم الله ..
ويأتيها فارس من بين الركبان مقطب حاجبيه .. تتعثر منه الخطا وكأنما يتمنى لو عاد إلى المعركة ولم يخبرها بفجيعتها
أفكار سوداء لاحت له في لحظات ظنها دهورا
كيف ستقوى امرأة على الصبر .. هول الفجيعة سيقتلها ..
من سيقف بجوارها يساندها؟
الله معهــــــــا ويقترب منها ينعي لها الأحبة الثلاثة .. زوج وأخ وأب !
وأي مخلوق في الوجود أغلى من هؤلاء الثلاثة وكأنه يقول لها أنت يا امرأة أرملة ويتيمة وأخت شهيد ..
وكأن الكلمات لا تطاوعه فيخرجها عنوة ..
لتوقفها حروف خرجت ناطقة بإيمان عميق - ما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وتبرز أمارات التعجب والإعجاب معاً على وجوه الحاضرين فيجيبها السائل - خيراً ..
ويحركه شعور العطف فيستأنف قائلاً : -
هو بحمد الله كما تحبين ولا تشعر بأن الكلمات قد روت لها ظمأ ..
وتهاجمها عاصفة الخوف على حبيب الله ونبيه الكريم فتقول : -
أرونيه حتى أنظر إليه ويشار لها عليه صلى الله عليه وسلم
فتهدأ روحها وتخرج الكلمات موشّاة بنور منثور ..
لتقول كل مصيبة بعدك جلل !
وكأني بحروفها تخرج هادئة من قلب غلفته السكينة مصابي ضئيل أمام نجاتك ..
وحزني قليل أمام حياتك
وتؤرقني قصّة تلك العظيمة في زمن العظماء
وأحمل همومي لألقي بها في شواطئ بعيدة
وتتصاغر مصائب الدنيا في عينيّ وأنا أتعلّم من مدرسة عظيمة دروس الثبات واليقين
وأنا أتعلّم كيف توزن صغار المصائب وعظيمها وكم كنت أخلّ في ميزانها وأرجح كفّة الدنيا على الآخرة
علمتني يا ابنة الإيمان دروساً في نبل التضحية وشموخ الفداء
علمتني أن أنسى روحي عند تألمها أو أهبها شعلة متقدة لكلّ عابر على طريق الإيمان

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

i wish i could read that.
lol.

غير معرف يقول...

olha eu nao persebu o que escreveste mas:é linda a foto!!!!
lol
=)